مجازر قدسيا والهامة تكشف ماهية "الأحياء الموالية"
أكثر من 100 قذيفة مدفعية وهاون سقطت على الحيين خلال 12 ساعة
أظهر ارتكاب النظام السوري لمجزرتين، راح ضحيتهما أكثر من 30 قتيلا وعشرات الجرحى خلال ساعات قليلة في منطقتي الهامة وقدسيا اللتين كانتا محسوبتين على المناطق "الهادئة" بريف دمشق، مدى تسارع وتيرة الأحداث في البلاد وسط تخوف من مشاركة الأحياء الموالية للنظام، في المجازر بحق المدنيين، وردة فعل عنيفة تجاههم في المستقبل.
واستطاعت قوات الأمن والشبيحة من إحكام الحصار على هذه المناطق والشروع بقصفها من مختلف الأسلحة الثقيلة كالدبابات والهاون بالتزامن مع تمركز القناصة، من خلال مساندة الأحياء الموالية للرئيس السوري بشار الأسد التي كانت بمثابة حماية لتلك القوات، وانطلقت منها قذائف الهاون، فيما أطلق القناصة نيرانهم من داخل تلك الأحياء السكنية.
وقد أظهر اقتحام مدينة قدسيا والهامة بريف دمشق التي تبعد حوالي ثمانية كيلو مترات عن وسط العاصمة يوم أمس، مدى اقتراب الحصار الذي يتعرض له النظام من وسط العاصمة، وهو ما يفسر العدد المرتفع من القتلى مع تزايد وتيرة التصعيد العسكري.
ونزح معظم الأهالي من المنطقة بما في ذلك أكثر من ألف عائلة نازحة من حمص كانت تسكن في كل من الهامة وقدسيا بسبب الهدوء النسبي بهما.
ويترافق ذلك التصعيد مع الانتقام من المدنيين في الأحياء السكنية بالقصف العشوائي الذي قدر بأكثر من 100 قذيفة مدفعية وهاون سقطت على الهامة ونصف ذلك العدد على قدسيا المجاورة خلال أقل من 12 ساعة، ما أدى إلى مقتل وجرح العديد وأوقع خسائر في الممتلكات.
أحياء "مفتعلة"
وسببت مشاركة الأحياء الموالية للنظام والتي تحيط بالعديد من مدن وقرى ريف دمشق ودمشق العاصمة، احتقانا كبيرا بعد انطلاق الحملات العسكرية منها وجعلها مركزا للقصف وعمليات القنص ومشاركة أبناء تلك الأحياء كشبيحة، مما يبدي خشية من ردات فعل قاسية جدا بسبب العدد الكبير من القتلى وأنواع الجرائم المختلفة الذي خلفه الشبيحة الذين انطلقوا من تلك الأحياء.
فمدينة قدسيا والهامة اللتان تعتبران قرى قديمة، تحيط بهما أحياء سكن عشوائي يقطنها أغلبية موالية قدمت من المحافظات الساحلية أثناء فترة حكم حافظ الأسد بعد شغل أبنائها مناصب عسكرية ومدنية في العاصمة.
وسبب تواجدهم في تلك المناطق وتعديهم على جيرانهم حساسيات، سيما أن معظم تلك الأراضي تم السيطرة عليها من قبل الحكومة السورية وفقا لقانون "الاستملاك" دون دفع مقابل مادي لأصحابها، ومع ذلك فإن تلك الحساسيات كادت أن تزول، لولا اشتعال الثورة واصطفاف تلك الأحياء مع النظام الذي عمد إلى تسليح سكانها بمختلف الأسلحة بما فيها مدافع الهاون.
ويبدو أن تأسيس تلك الأحياء التي يسكن في قسم منها ضباط في الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة التابعة لماهر الأسد شقيق الرئيس السوري، كانت خطة قديمة للنظام في السيطرة على أحياء دمشق وريفها، سيما وأن بدايات حكم الأسد الأب شهدت توترات ومحاولات انقلاب عديدة باءت بالفشل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق